يُحكى أن شيخاً طاعناً في السنّ راودته فكرة الزواج بعد وفاة زوجته فطلب من أبنائه أن يبحثوا له عن فتاة علَّهم يجدوا مَنْ توافق على الزواج منه واستغرب الأبناء هذا الطلب الذي جاء في غير أوانه ، خاصة وأن أباهم رجل شيخ وفي مثل هذه العمر المتقدمة .
غير أن إصرار أبيهم ، وعدم رغبتهم في إغضابه
جعلهم ينزلون عند رغبته ، ويحاولون تلبية طلبه .
وبعد فترة قصيرة من البحث وجدوا فتاة في مقتبل العمر توافق على الزواج من أبيهم الشيخ فخطبوها إليه ، وبعد أن تهيأت خلال عدة أيام زفـُوها إليه ودخل الشيخ على عروسه الشابّة وقضى ليلته عندها
ولكنه في صبيحة اليوم التالي لم يخرج
وعندما استبطأه أبناؤه ذهبوا إلى خيمته الصغيرة التي تزوّج فيها فوجدوه على فراشه وقد فارق الحياة .
أُسْقِطَ في يد الأبناء لوفاة والدهم ، فجهزوه ودفنوه ، وعادت العروس بعد ذلك إلى بيت أهلها بعد هذا الزواج القصير .
وجاءها من يخطبها من أقاربها فزوّجوها إليه قبل انقضاء العدّة الشرعية ، وبعد فترة الحمل أنجبت لزوجها الجديد ابناً ذكراً ثم أنجبت له بعد ذلك أولاداً آخرين .
وكان الابن الأكبر يساعد أباه في أعماله ويعينه في شؤونه
غير أن الأب كان لا يمنحه أي شعور بالمحبة ، ولا يجعله يشعر بأي شيءٍ من حنان الأبوة ، بعكس إخوانه الآخرين
الذين كان يعاملهم بكلّ رفق ، ولا يضنّ عليهم بشيء
بل إن الأب كان يضرب ذلك الابن دائماً ، ويعامله بكل فظاظة وقسوة ولا يجد له رحمة في قلبه .
وكبر الولد مع إخوانه وعاش ظروفاً قاسية ، وكان دائماً عوناً لأبيه في أعماله ، برغم كلّ هذه المعاملة القاسية التي يعامله والده بها وفي أحد الأيام ذهب
الوالد ليعمل في حراثة الأرض على جملِهِ ومعه ابنه هذا
ولأسباب تافهة ثارت أعصاب الأب وقام بضرب ابنه ضرباً مبرحاً آلمه كثيراً مما جعله يهرب من بين يديه ويهيم على وجهه وظلَّ الصبيّ يعدو حتى وصل إلى خيمة يقيم بها عدة أخوة وحولهم أغنامهم ومواشيهم ،
فاستجار بهم من ظلم أبيه
وقال لهم : أنقذوني من أبي فقد ضربني حتى كاد يقتلني
فَهَدَّأَ أصحاب البيت من روعه وأعطوه ماءً ليشرب ويهدأ قليلاً وبعد أن استراح بعض الشيء حدثهم عن معاملة أبيه القاسية
له بعكس إخوانه الذين يعاملهم معاملة طيبة رقيقة ،
أما هو فمحروم من كل شيء ، وهو يشغله معه في الحراثة ورعي الأغنام وجلب الماء لها من البئر ، وغير ذلك من الأعمال الشاقة التي لا يطلبها من أبنائه الآخرين
وشعر صاحب البيت بميلٍ شديد نحو الصبي فسأله:
ومن هو أبوك ؟
فقال : أنا ابن فلان
وسأله أيضاً : ومن هي أمك ؟
فقال : أمي فلانة بنت فلان
فقال صاحب البيـت : أنت لسـت ابناً لهذا الرجـل ، بل أنت أخي أنا
فقال له الصبي : وكيف أصبحت أخاً لك وأنا لم أشاهدك في
حياتي قبل هذه المرة
فقال الرجل : لا تستعجل فسأخبرك بذلك في حينه
وبعد ساعة من الزمن جاء أبو الصبي
يريد أخذ ابنه من عندهم لأنه كان يتبعه وهو يهرب منه
ولكن الأخ الأكبر قال له : هذا ليس ابنك أيها الرجل ، بل هو أخي . فقال الرجل : كيف أصبح أخوك خلال هذه الساعة ، إنه ابني ولكن يبدو أنه جرى لعقـلك شـيء ، أو تكـون قد جننت حقاً ؟!.
فقال الأخ الأكبر : لن أتركه لك إلا بعد أن نتقاضى ونحتكم عند أحد الشيـوخ
فإن كان ابنك فخذه ، وإن كان أخي سآخذه أنا
وقال له سنلتقي غداً في بيت الشيخ فلان ، فهل ترضى به حَكَمَاً بيننا
فقال الرجل : ونعم الشيخ هو.
واتفقا أن يجتمعا عنده في اليوم التالي ليفصل بينهما في هذه القضية المعقدة وفي اليوم التالي ذهب الأخوة ومعهم الولد إلى بيت الشيخ المذكور
ثم جاء غريمهم أبو الولد ، وكان بيت الشيخ بعيداً فما وصلوه إلا في ساعات العصر فرحب بهم الشيخ واستقبلهم استقبالاً حسناً ، وبعد أن استراحوا ، شرح كل واحد
منهم حجته لذلك الشيخ
فقال لهم : لن أحكم بينكم قبل أن أقدّم لكم واجب
الضيافة ولكنني أريد من هذا الصبي أن يساعدني في بعض الأمور ودعا الشيخ الصبي ليفهمه ما يريد منه فخرج معه إلى جانب البيت فقال له الشيخ : أنت ترى يا ابني إنكم ضيـوف عندي ولا بد من تقديم واجب الضيافة لكم ، وأغنامي بعيدة ، وأريد منك أن تذهب إليها فهي ترعى قرب الوادي الفلاني ومعها ابنتي فغافِل ابنتي واسرق منها خروفاً واحمله
وأحضره إليّ لكي أعمله عشاءً لكم ولا تدع الفتاة تراك
أو تحسّ بك .
فذهب الصبي وغافل الفتاة ثم حمل خروفاً كبيراً وسار يعدو به حتى أحضره إلى الشيخ الذي ذبحه وأعدّ منه عشاءً لهم .
وفي ساعات المساء وبعد أن تناول المختصمون عشاءهم عند ذلك الشيخ عادت الفتاة ومعها أغنامها إلى البيت فجاءت
إلى أبيها وعلى وجهها ملامح الحزن وقالت لأبيها
وعلى مسمع من الضيوف :
لقد ضاع مني اليوم خروف يا أبي .
فقال لها : وكيف ضاع منك ؟ هل أكله الذئب ؟
فقالت : لا بل سُرِق .
فقال لها : وهل رأيت الذي سرقه ؟
فقالت : لا ولكنني عرفته .
فقال لها : كيف عرفتِه ولم تبصره عيناكِ ؟
فقالت : وجدت أثر أقدامه فعرفته من أثره ، فهو صبي أمّه شابّة وأبوه شيـخ هَـرِم .
فقال لها أبوها : وكيف تثبتي لي ذلك ؟
فقالت : إن أثره صغير كأَثَرِ صبي لم يبلغ بعد .
فقال أبوها : حسناً ولكن كيف عرفت أنه ابن شيخ هرم ؟
فقالت : عرفته من أثره أيضاً ، فوجدت خطواته مرة تكون طويلة ومتباعدة ومرةً تكون قصيرة ومتقاربة ، فعرفت إنه عندما كان يأتيه العزم والقوة من ناحية أمه ، فكان يعدو فتبعد خطواته عن بعضها البعض ، وعندما تأتيه القوة
من عند أبيه فكـان يتعب فتقصر خطواته ، فعرفت أن أمه شابّة وان أباه شيخ هرم.
فقال لها الشيخ : اذهبي الآن يا ابنتي وسنبحث عن الخروف فيما بعد .
ثم نظر إلى ضيوفه وقال لهم : هل سمعتم ما قالته الفتاة ؟
فقالوا : نعم سمعنا .
فقال الشيخ : وبذلك تكون قد حُلّت القضية ، فأما أنت أيها الرجل فالصبي ليس ابناً لك ، وأما أنت أيها الصبي فالحق بإخوانك وعد إلى أهلك .وبهذا أكون قد حكمت بينكم .
وبذلك تكون فراسة الفتاة البدوية حكماً فطرياً أنقذ الصبي من ظلم أبيه المزعـوم ، وأعاده إلى حضن إخوانه الذين فرحوا كثيراً بعودته إليهم
غير أن إصرار أبيهم ، وعدم رغبتهم في إغضابه
جعلهم ينزلون عند رغبته ، ويحاولون تلبية طلبه .
وبعد فترة قصيرة من البحث وجدوا فتاة في مقتبل العمر توافق على الزواج من أبيهم الشيخ فخطبوها إليه ، وبعد أن تهيأت خلال عدة أيام زفـُوها إليه ودخل الشيخ على عروسه الشابّة وقضى ليلته عندها
ولكنه في صبيحة اليوم التالي لم يخرج
وعندما استبطأه أبناؤه ذهبوا إلى خيمته الصغيرة التي تزوّج فيها فوجدوه على فراشه وقد فارق الحياة .
أُسْقِطَ في يد الأبناء لوفاة والدهم ، فجهزوه ودفنوه ، وعادت العروس بعد ذلك إلى بيت أهلها بعد هذا الزواج القصير .
وجاءها من يخطبها من أقاربها فزوّجوها إليه قبل انقضاء العدّة الشرعية ، وبعد فترة الحمل أنجبت لزوجها الجديد ابناً ذكراً ثم أنجبت له بعد ذلك أولاداً آخرين .
وكان الابن الأكبر يساعد أباه في أعماله ويعينه في شؤونه
غير أن الأب كان لا يمنحه أي شعور بالمحبة ، ولا يجعله يشعر بأي شيءٍ من حنان الأبوة ، بعكس إخوانه الآخرين
الذين كان يعاملهم بكلّ رفق ، ولا يضنّ عليهم بشيء
بل إن الأب كان يضرب ذلك الابن دائماً ، ويعامله بكل فظاظة وقسوة ولا يجد له رحمة في قلبه .
وكبر الولد مع إخوانه وعاش ظروفاً قاسية ، وكان دائماً عوناً لأبيه في أعماله ، برغم كلّ هذه المعاملة القاسية التي يعامله والده بها وفي أحد الأيام ذهب
الوالد ليعمل في حراثة الأرض على جملِهِ ومعه ابنه هذا
ولأسباب تافهة ثارت أعصاب الأب وقام بضرب ابنه ضرباً مبرحاً آلمه كثيراً مما جعله يهرب من بين يديه ويهيم على وجهه وظلَّ الصبيّ يعدو حتى وصل إلى خيمة يقيم بها عدة أخوة وحولهم أغنامهم ومواشيهم ،
فاستجار بهم من ظلم أبيه
وقال لهم : أنقذوني من أبي فقد ضربني حتى كاد يقتلني
فَهَدَّأَ أصحاب البيت من روعه وأعطوه ماءً ليشرب ويهدأ قليلاً وبعد أن استراح بعض الشيء حدثهم عن معاملة أبيه القاسية
له بعكس إخوانه الذين يعاملهم معاملة طيبة رقيقة ،
أما هو فمحروم من كل شيء ، وهو يشغله معه في الحراثة ورعي الأغنام وجلب الماء لها من البئر ، وغير ذلك من الأعمال الشاقة التي لا يطلبها من أبنائه الآخرين
وشعر صاحب البيت بميلٍ شديد نحو الصبي فسأله:
ومن هو أبوك ؟
فقال : أنا ابن فلان
وسأله أيضاً : ومن هي أمك ؟
فقال : أمي فلانة بنت فلان
فقال صاحب البيـت : أنت لسـت ابناً لهذا الرجـل ، بل أنت أخي أنا
فقال له الصبي : وكيف أصبحت أخاً لك وأنا لم أشاهدك في
حياتي قبل هذه المرة
فقال الرجل : لا تستعجل فسأخبرك بذلك في حينه
وبعد ساعة من الزمن جاء أبو الصبي
يريد أخذ ابنه من عندهم لأنه كان يتبعه وهو يهرب منه
ولكن الأخ الأكبر قال له : هذا ليس ابنك أيها الرجل ، بل هو أخي . فقال الرجل : كيف أصبح أخوك خلال هذه الساعة ، إنه ابني ولكن يبدو أنه جرى لعقـلك شـيء ، أو تكـون قد جننت حقاً ؟!.
فقال الأخ الأكبر : لن أتركه لك إلا بعد أن نتقاضى ونحتكم عند أحد الشيـوخ
فإن كان ابنك فخذه ، وإن كان أخي سآخذه أنا
وقال له سنلتقي غداً في بيت الشيخ فلان ، فهل ترضى به حَكَمَاً بيننا
فقال الرجل : ونعم الشيخ هو.
واتفقا أن يجتمعا عنده في اليوم التالي ليفصل بينهما في هذه القضية المعقدة وفي اليوم التالي ذهب الأخوة ومعهم الولد إلى بيت الشيخ المذكور
ثم جاء غريمهم أبو الولد ، وكان بيت الشيخ بعيداً فما وصلوه إلا في ساعات العصر فرحب بهم الشيخ واستقبلهم استقبالاً حسناً ، وبعد أن استراحوا ، شرح كل واحد
منهم حجته لذلك الشيخ
فقال لهم : لن أحكم بينكم قبل أن أقدّم لكم واجب
الضيافة ولكنني أريد من هذا الصبي أن يساعدني في بعض الأمور ودعا الشيخ الصبي ليفهمه ما يريد منه فخرج معه إلى جانب البيت فقال له الشيخ : أنت ترى يا ابني إنكم ضيـوف عندي ولا بد من تقديم واجب الضيافة لكم ، وأغنامي بعيدة ، وأريد منك أن تذهب إليها فهي ترعى قرب الوادي الفلاني ومعها ابنتي فغافِل ابنتي واسرق منها خروفاً واحمله
وأحضره إليّ لكي أعمله عشاءً لكم ولا تدع الفتاة تراك
أو تحسّ بك .
فذهب الصبي وغافل الفتاة ثم حمل خروفاً كبيراً وسار يعدو به حتى أحضره إلى الشيخ الذي ذبحه وأعدّ منه عشاءً لهم .
وفي ساعات المساء وبعد أن تناول المختصمون عشاءهم عند ذلك الشيخ عادت الفتاة ومعها أغنامها إلى البيت فجاءت
إلى أبيها وعلى وجهها ملامح الحزن وقالت لأبيها
وعلى مسمع من الضيوف :
لقد ضاع مني اليوم خروف يا أبي .
فقال لها : وكيف ضاع منك ؟ هل أكله الذئب ؟
فقالت : لا بل سُرِق .
فقال لها : وهل رأيت الذي سرقه ؟
فقالت : لا ولكنني عرفته .
فقال لها : كيف عرفتِه ولم تبصره عيناكِ ؟
فقالت : وجدت أثر أقدامه فعرفته من أثره ، فهو صبي أمّه شابّة وأبوه شيـخ هَـرِم .
فقال لها أبوها : وكيف تثبتي لي ذلك ؟
فقالت : إن أثره صغير كأَثَرِ صبي لم يبلغ بعد .
فقال أبوها : حسناً ولكن كيف عرفت أنه ابن شيخ هرم ؟
فقالت : عرفته من أثره أيضاً ، فوجدت خطواته مرة تكون طويلة ومتباعدة ومرةً تكون قصيرة ومتقاربة ، فعرفت إنه عندما كان يأتيه العزم والقوة من ناحية أمه ، فكان يعدو فتبعد خطواته عن بعضها البعض ، وعندما تأتيه القوة
من عند أبيه فكـان يتعب فتقصر خطواته ، فعرفت أن أمه شابّة وان أباه شيخ هرم.
فقال لها الشيخ : اذهبي الآن يا ابنتي وسنبحث عن الخروف فيما بعد .
ثم نظر إلى ضيوفه وقال لهم : هل سمعتم ما قالته الفتاة ؟
فقالوا : نعم سمعنا .
فقال الشيخ : وبذلك تكون قد حُلّت القضية ، فأما أنت أيها الرجل فالصبي ليس ابناً لك ، وأما أنت أيها الصبي فالحق بإخوانك وعد إلى أهلك .وبهذا أكون قد حكمت بينكم .
وبذلك تكون فراسة الفتاة البدوية حكماً فطرياً أنقذ الصبي من ظلم أبيه المزعـوم ، وأعاده إلى حضن إخوانه الذين فرحوا كثيراً بعودته إليهم
الأربعاء سبتمبر 14, 2011 9:03 am من طرف صقر العثمان
» اغاني عراقية قديمة
الخميس أبريل 14, 2011 2:28 pm من طرف كطنان
» قصة حب تبكي
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:14 pm من طرف كطنان
» بنت تغازل صديق اخوها
الثلاثاء أبريل 12, 2011 9:56 am من طرف كطنان
» بشرى لابناء المراشدة
السبت أبريل 09, 2011 12:54 pm من طرف كطنان
» شوفوا كرم العقيدات
الثلاثاء أبريل 05, 2011 1:14 pm من طرف كطنان
» عاصفة البوكمال
الثلاثاء أبريل 05, 2011 1:02 pm من طرف كطنان
» قصص من علماء التشريح
الثلاثاء أبريل 05, 2011 11:31 am من طرف كطنان
» احذرن الصالونات
الثلاثاء أبريل 05, 2011 11:22 am من طرف كطنان